الدليل الاستقرائي بين ديفيد هيوم وبرتراندرسل

الملخص

يُعد المنهج التجريبي ثورة فلسفية على المنطق الأرسطي، إذ رأى الفلاسفة المحدثون أن الفكر المجرد عاجز عن اكتشاف الحقائق، فاعتمدوا على الاستقراء الناقص القائم على الملاحظة والتجربة، مستندين إلى قانون العلية كدليل استقرائي. وقد قدّم ديفيد هيوم تفسيرًا جديدًا للعلية، حيث نقلها من معناها الأرسطي إلى مجرد تتابع زمني بين السبب والنتيجة، مما جعله أول من أثار "مشكلة الاستقراء" المتمثلة في صعوبة تبرير الاعتماد على الاستدلال الاستقرائي. وبيّن أن نتائج الاستقراء لا تنتمي إلى القضايا التحليلية، وبالتالي فإن إنكارها لا يؤدي إلى تناقض منطقي. أما برتراند رَسل، فقد قدّم تفسيرًا آخر متأثرًا بهيوم، لكنه استفاد من التطورات العلمية الحديثة، وسعى إلى دمج الفلسفة بالعلم في معالجته لمشكلة العلية. من هنا تنبع أهمية هذا البحث، إذ تهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على تفسير كل من هيوم ورَسل للدليل الاستقرائي، من خلال منهج تحليلي مقارن، يقوم بتحليل آراء الفيلسوفين بشكل منفصل، ثم إبراز أوجه الاتفاق والاختلاف بينهما في معالجة إحدى أكثر القضايا الفلسفية تعقيدًا.