الاقتباس: السرار، وليد (2025). الليبيون وعلاقتهم بوادي النيل في فجر التاريخ. مجلة كلية الآداب جامعة مصراتة. 19، 22 -8. DOI: 10.36602/faj.2025.n19.02

الليبيون وعلاقتهم بوادي النيل في فجر التاريخ

وليد عبد السيد سرار

كلية الآداب، جامعة مصراتة، E- email: w.srar@art.misuratau.edu.ly


الاقتباس: السرار، وليد (2025). الليبيون وعلاقتهم بوادي النيل في فجر التاريخ. مجلة كلية الآداب جامعة مصراتة. 19، 22 -8. DOI: 10.36602/faj.2025.n19.02

تاريخ التقديم: 10-03-2025، تاريخ القبول: 26-03- 2025، نشر إلكترونيا في 27-03-2025



ملخص البحث:

تتناول هذه الدراسة العلاقات الثقافية والحضارية المبكرة بين ليبيا ووادي النيل خلال عصور ما قبل التاريخ، مع التركيز على دور التغيرات المناخية والهجرات البشرية، وتشير الأدلة الأثرية إلى أن ليبيا شهدت تطورًا حضاريًا كبيرًا منذ العصر الحجري القديم، حيث ظهرت حضارات مثل العاترية، والقفصية، والضبعية ، التي تميزت بإنتاج الأدوات الحجرية المتقدمة والفخار المزخرف، وقد ارتبطت هذه الحضارات بثقافات مماثلة في وادي النيل، كما يتضح من الاكتشافات الأثرية المشتركة، وأدت التغيرات البيئية، خصوصًا التصحر، إلى هجرة الليبيين نحو وادي النيل، حيث ساهموا في تشكيل بنيته السكانية والثقافية، وتشير الدراسات إلى أن الليبيين القدماء كانوا من المكونات الأساسية للحضارة الفرعونية، خاصة في منطقة الدلتا، كما تعكس الرسومات الصخرية الليبية في جبال أكاكوس وتدرارت تأثيرًا ثقافيًا متبادلاً مع مصر، مما يؤكد دور الهجرات المناخية في تشكيل حضارات المنطقة.



الكلمات المفتاحية: العصر الحجري الحديث، فجر التاريخ، الأدوات الحجرية، الليبيون، وادي النيل الأدنى



1. مقدمة:

تمتلك ليبيا إرثًا تاريخيًا وحضاريًا غنيًا يمتد إلى عصور ما قبل التاريخ، حيث تشير الأدلة الأثرية إلى أن هذه المنطقة شهدت تطورًا ثقافيًا وحضاريًا مذهلاً عبر العصور الحجرية المختلفة، بدءًا من العصر الحجري القديم ووصولاً إلى العصر الحجري الحديث، فلقد كانت ليبيا موطنًا لحضارات متقدمة، مثل الحضارة العاترية والحضارة القفصية والحضارة الضبعية، التي تميزت بصناعة أدوات حجرية متطورة وفخار مزخرف، مما يعكس مستوى عالٍ من الإبداع والتقنية لدى الإنسان القديم في هذه المنطقة، هذه الحضارات لم تكن معزولة، بل كانت على اتصال وثيق بحضارات مجاورة، خاصة في وادي النيل الادنى، حيث تشير الاكتشافات الأثرية إلى وجود تبادل ثقافي وتقني بين المنطقتين. كما أن التغيرات المناخية التي شهدتها ليبيا القديمة (شمال إفريقيا)، خاصة زحف الصحراء والجفاف، أدت إلى هجرات بشرية واسعة من ليبيا نحو وادي النيل، مما ساهم في تشكيل التركيبة السكانية والحضارية للمنطقة، يهدف هذا البحث إلى استكشاف العلاقات الثقافية والحضارية بين ليبيا ووادي النيل خلال عصور ما قبل التاريخ، مع التركيز على تأثير التغيرات المناخية والهجرات البشرية في تشكيل هذه العلاقات. كما سيتناول البحث دور الليبيين القدماء في تأسيس الحضارة المصرية القديمة، من خلال تحليل الأدلة الأثرية والرسوم الصخرية التي تعكس التطور الفكري والفني للإنسان في تلك الفترة.

1.1 أهمية البحث:

تكمن أهمية البحث في تسليط الضوء على الحضارات القديمة التي نشأت في ليبيا خلال عصور ما قبل التاريخ، مثل الحضارة العاترية والقفصية والضبعية، والتي تُعد شاهدا على التطور الثقافي والتقني للإنسان الاول في هذه المنطقة. كما يبحث في طبيعة العلاقات الثقافية والتقنية بين ليبيا ووادي النيل، ويُبرز دور التغيرات المناخية وأثارها على زحف الصحراء والجفاف، ثم دفع الهجرات البشرية من ليبيا نحو وادي النيل، ويُظهر كيف ساهم الليبيون القدماء في تشكيل الحضارة المصرية، خاصة في منطقة الدلتا، من خلال الهجرات والتبادل الثقافي.

2.1 أهداف البحث:

يهدف البحث إلى دراسة الحضارات التي نشأت في ليبيا خلال عصور ما قبل التاريخ، وفهم خصائصها الثقافية والتقنية، بما في ذلك صناعة الأدوات والأسلحة الحجرية والفخار المزخرف، ويسعى إلى استكشاف طبيعة العلاقات الثقافية والتقنية بين ليبيا ووادي النيل الادنى، من خلال تحليل الأدلة الأثرية التي تشير إلى التبادل الثقافي والتأثيرات المتبادلة بين المنطقتين، وفهم كيف أدت التغيرات المناخية، مثل زحف الصحراء والجفاف، إلى هجرة السكان من ليبيا نحو وادي النيل، وكيف ساهمت هذه الهجرات في تشكيل التركيبة السكانية والحضارية للمنطقة.

3.1 إشكالية البحث:

تكمن إشكالية البحث في غموض الدوافع الحضارية العامة التي أدت الى وجود تواصل قديم بين الليبيين سكان شمال افريقيا الأول مع وادي النيل الأدنى خلال عصور ما قبل التاريخ وكيف انتشرت ثقافاتهم ومعالمها على ضفاف ذلك الوادي ثم مساهمتها في تأسيس حضارته اللاحقة، وانطلاقا من هذه الإشكالية يمكن طرح التساؤلات التالية:

  1. ما هي الخصائص الثقافية والتقنية التي ميزت الحضارات الحجرية في ليبيا القديمة، وكيف انعكست في الأدوات الحجرية والفخارية والرسوم الصخرية؟

  2. ما طبيعة العلاقات الثقافية والتقنية بين ليبيا ووادي النيل خلال عصور ما قبل التاريخ؟ وكيف أثرت التغيرات المناخية، على حركة الهجرات البشرية من ليبيا نحو وادي النيل؟

  3. وما هي العوامل التي دفعت الليبيين القدامى إلى الهجرة، ولماذا كان وادي النيل الوجهة الرئيسية لهم؟

  4. كيف تطورت ثقافات وحضارات عصور ما قبل التاريخ في ليبيا حتى انتقلت لوادي النيل؟ وماهي أشهر مواقعها وأبرز معالمها الحضارية؟

2. منهج البحث:

يعد هذا البحث دراسة تاريخية في المقام الأول والتي تتبع غالبا المنهج التاريخي الذي يعتمد على سرد الاحداث ووصفها وتحليلها من خلال مصادرها للوصول الى نتائج علمية رصينة.

3. حضارات فجر التاريخ1 في ليبيا2:

شهدت ليبيا استقرارا بشريا مبكرا يعود إلى عصور ما قبل التاريخ3، حيث تشير الأدلة الأثرية إلى أن بعض مواقعها القديمة قد احتضنت بعضا من أقدم الحضارات الحجرية بشمال افريقيا، بدءًا من العصر الحجري القديم ووصولًا إلى العصر الحجري الحديث، ومن أبرز مواقع ما قبل التاريخ في ليبيا مواقع هوافتيح4 ووادي درنة5 في شرقها، والذي أكتشف فيه بعض الأدوات من الحضارة الأشولية6 كالأدوات الحجرية الكبيرة، مثل الفؤوس اليدوية، (الجوهري، د.ت، ص 76). وكذلك بئر دوفان في غربها(الشكل رقم 1 ضمن الملاحق)، إضافة الى مواقع أخرى جنوبا وشمالا7، ففيها تتوفر الشواهد والأدلة الاثرية على وجود حضارات وثقافات متقدمة اعتمد أصحابها على الصيد وجمع الثمار وصناعة الأدوات الحجرية، ثم تطورت لاحقًا إلى الزراعة وتربية الحيوانات، ومنها ما عرف بالحضارة العاترية8 التي تُعد من أبرز الحضارات التي ظهرت في ليبيا خلال العصر الحجري القديم الأوسط، وقد تميزت هذه الحضارة بصناعة أدوات حجرية متطورة، خاصة رؤوس السهام ذات القاعدة المدببة، وقد تم اكتشاف أدوات عاترية في عدة مواقع في ليبيا، مثل هوافتيح ببرقة، وهو ما يدل على انتشار هذه الحضارة بالمنطقة ، وتشير الدراسات إلى أن الحضارة العاترية كانت مرتبطة بحضارات مماثلة في منطقة وادي النيل الأدنى، فقد تم العثور على أدوات عاترية في مصر تشبه تلك الموجودة في ليبيا، مما يشير إلى وجود تبادل ثقافي وتقني بين المنطقتين (البرغوثي، 1971، ص 74-75). كما تعتبر الحضارة القفصية9 من الحضارات المهمة التي ظهرت في ليبيا خلال العصر الحجري الوسيط والحديث، حيث تميزت هذه الحضارة بصناعة أدوات حجرية دقيقة وفخار مزخرف، وتم اكتشاف مواقع أثرية تعود إلى هذه الحضارة في مناطق مختلفة من ليبيا، مما يدل على انتشارها الواسع، كالتي عُثر عليها في كهف حقفة الضبعة10 وهوافتيح (الشكل 2 ضمن الملاحق)، وزيادة على ذلك فإن الرسوم الصخرية تُعد من بين الشواهد الثقافية في ليبيا خلال عصور ما قبل التاريخ والتي تم اكتشافها في عدة مواقع بالشرق والغرب والجنوب، مثل هضبة التاسيلي11 وجبال أكاكوس12 والكهوف الجبلية بالجبل الأخضر والعوينات13، وهذه الرسوم تصور حيوانات مثل الزرافات والأفيال والسنوريات، بالإضافة إلى مشاهد صيد وحياة يومية، وهي تعد دليلًا على التطور الفكري والفني للإنسان القديم في ليبيا ولعصور متعاقبة قبل التاريخ (الماجدي، 2012، ص 70-71؛ البرغوثي، 1971، ص 99، -118).

ويعتقد بعض الباحثين أن هذه الحضارات وثقافاتها قد انتشرت داخل وادي النيل الأدنى خلال العصر الحجري الحديث بعد هجرة سكان ليبيا القدامى واستقرارهم على ضفافه، بعدما أصبحت أراضيه جاهزة للاستقرار البشري على اثر التغير المناخي، ونتيجة لتلك الهجرات انتشرت حضارة المهاجرين في ضفاف النيل وقامت علاقات ثقافية وتجارية بين الموطن القديم والجديد، فقد أشارت الأدلة الأثرية إلى أن تقنيات صناعة الفخار والأدوات الحجرية في ليبيا كانت مشابهة لتلك الموجودة في مصر كأسنة الرماح الليبية (الشكل رقم 3 ضمن الملاحق)، خاصة في منطقة الفيوم وهي التي كانت دائما على طريق المهاجرين من ليبيا، كما أن بعض الأدوات الحجرية والفخارية التي تم اكتشافها في ليبيا تشبه تلك الموجودة في بعض حضارات ما قبل التاريخ في مصر كالفيوم والبداري ونقادة، مما يدل على وجود تبادل ثقافي وتقني بين المنطقتين، بالإضافة الى ما تشير اليه الدراسات المتعلقة بالفن الصخري في ليبيا، والذي يبدوا ان أصحابه قد نقلوا بعضا من اساليبه وانماطه لوادي النيل الادنى، فقد وجد تشابه كبير بين الرسومات الصخرية بالمنطقتين، وخاصة النقوش والرسوم التي تحاكي الفترات الأولى لاستقرار الانسان على ضفاف وادي النيل الأدنى بعد هجرته من سهول الشمال الافريقي حين أصابها الجفاف، والتي تم تتبع رحلتها عبر الواحات وخاصة التي وجدت في وادي هوى في الصحراء الليبية بمجاورات وادي النيل باتجاه النوبة.(مهران، 2011، ص 84؛ ).

4. التغير المناخي وهجرة الليبيين:

خلال عصور تاريخية مبكرة شهدت الأراضي الليبية حياة نباتية وحيوانية وبشرية مزدهرة، وذلك عندما كانت تلك الأراضي في العصور الحجرية الأولى تتمتع بمناخ معتدل غزير المطر جعلها عامرة بالسكان والأحياء (باقر، 1968، ص 8-10)، وهو الأمر الذي لم يستمر حيث طرأ التغير المناخي الذي بدأ تدريجياً في عملية شاملة لشمال إفريقيا وغيرها من قارات العالم (حسن، 2001، ج1، ص49، 50)، وفي الوقت الذي كان التغير المناخي يهيئ بيئة وادي النيل لاستقرار الإنسان جعلها في الوقت نفسه تدفع الإنسان للهجرة من الأراضي الليبية، فعندما زحفت الصحراء والجفاف عليها بدأت أمواج المهاجرين بقطعانهم تتحرك للبحث عن موطن جديد تكون فيه سبل الحياة أوفر (مهران وسعدالله، 2005، ص 212)، ولعل هؤلاء المهاجرين حاولوا الاستقرار في المنخفضات والبحيرات المتناثرة في الصحراء، والتي ربما كانت من نتائج تغير المناخ أيضاً، ولكنها لم تحتمل إلا أعداداً قليلة منهم، وذلك لقلة مواردها وفقرها، فاستمر أغلب المهاجرين في سيرهم حتى استقر بهم المقام على ضفاف وسهول وادي النيل وخاصة في الشمال الذي عرف بمصطلح الدلتا14، ولعلي أتساءل هنا لماذا لم يتجه المهاجرون إلى بيئة أخرى في الشمال أو الجنوب من أرضهم واختاروا أراضي النيل السفلي خاصة؟

إن الشواهد الأثرية أثبتت أن الأراضي الساحلية لليبيا القديمة - وخاصة شمالها الشرقي - كانت مزدحمة بالسكان، فحتى لو استطاع بعض المهاجرين الحصول على موطئ قدم فيها فإنها لن تحتمل إلا قليلاً منهم مع قطعاتهم، لأجل ذلك كانت الوجهة المناسبة والبيئة الأقرب هي أراضي دلتا النيل وخاصة إذا علمنا أنها كانت غير مزدحمة بالسكان - على عكس أعالي الوادي ناحية الجنوب - بسبب ظروفها البيئية الصعبة وغير المشجعة على الاستقرار، ولكن - كما أسلفنا - حين تغير المناخ هيا هذه الأراضي بانحسار فيضان النهر عنها فأصبحت جاهزة لاستقبال سكانها الجدد (رزقانة، 1964، ص 64؛ ولسون، 1955، ص 51- 54).

5. العلاقات المبكرة وهجرة الليبيين نحو وادي النيل:

منذ تلك المراحل الأولى لحياة الإنسان في شمال إفريقيا تظهر علاقة سكان ليبيا القدماء بوادي النيل حيث أسهموا في بناء الصفات البشرية لإنسان وادي النيل، والذي كان يقع على عاتقه وضع أسس ولبنات الحضارة والمدنية بذلك الوادي في اللاحق من العصور (رزقانة، 1948، ص 247، 248)، ولكن ما يهمنا هنا هل استمرت الهجرات الليبية والعلاقات مع وادي النيل أم توقفت عند تلك المراحل الأولى؟

توجد تلميحات قوية على علاقات حضارية بين الليبيين القدماء ووادي النيل في العصر الحجري الحديث (فجر التاريخ)، فقد أثبتت الشواهد الأثرية -حسب تحليل بعض الباحثين- من حضارات وادي النيل في هذه الحقبة التاريخية وجود صلات بين سكان ليبيا القديمة (شمال إفريقيا) وحضاراتها مع سكان وادي النيل وحضاراته، حيث تشابهت مظاهر الحضارة عند الطرفين في بعض الجوانب كصناعة الفخار وغيرها من الصناعات التي نشأت في حضارات فجر التاريخ بوادي النيل كحضارة الفيوم ونقادة15، ولقد ذهب بعض الباحثين إلى القول: أن أصل هذه الحضارات واحد وهي صحراء شمال إفريقيا ليبيا القديمة (مهران، 2011، ص 43- 46؛ الماجدي، 2012، ص 70- 75؛ غلاب، الجوهري، 1948، ص 396، 397)، وأن إنسان هذه الحضارات من أصل واحد لوجود تشابه في الصفات البشرية حيث يرجعان إلى الجنس الحامي، كما استمرت الهجرات البشرية من شمال إفريقيا في اتجاه الوادي في فترات مختلفة عبر هذا العصر (رزقانة، 1948، ص 149، 212).

ويمكن القول بأنه مع استمرار زحف الجفاف على شمال إفريقيا وتناقص منسوب الأمطار كانت تتجه أمواج متعاقبة من المهاجرين وبأعداد مختلفة إلى وادي النيل لما تميزت به بيئته من صفات الاستقرار والحياة فكان دائماً عبر تلك العصور مقصداً للهجرات البشرية وخاصة من ليبيا القديمة والتي لا تفصلها حواجز طبيعية تمنع هجرة الإنسان إليه عبر اتجاهات مختلفة من خلال الواحات في الصحراء أو السواحل الشمالية الشرقية لشمال إفريقيا.

يرى بعض العلماء المختصين في علم المصريات من أمثال مارجريت مري، وجمس هنري برستد، وغيرهم إن خلال العصر الحجري الحديث حتى نهاية عصر ما قبل الأسرات تشكل الجنس المصري بصفاته الحامية والتي كان الليبيون أحد أصولها بسبب استقرارهم في غرب الدلتا ومشاركتهم في حضارة الوادي، ويؤكد غيره هذا الرأي بقوله: أصبح وادي النيل خلال نهاية العصر الحجري القديم الأعلى والعصر الحجري الحديث، البوتقة التي انصهرت فيها العناصر التي سوف تشكل الحضارة الفرعونية، ويبدو أن زحف التصحر على مناطق الصحراء الكبرى قد أبعد الإنسان حتى عن منخفضات واحات الصحراء الغربية ودفعه دفعاً في اتجاه الوادي وتكونت جماعات بشرية منفصلة سلكت كل منها سبل تطورها الخاص انطلاقاً من أرضية مشتركة، ولعله ما يؤكد الاعتقاد الذي توصل إليه بعض المختصين الذين يرون أن العصر الحجري الحديث هو العصر الحقيقي الذي أهلت فيه مصر بالسكان والذين كان أغلبهم الليبيين سكان شمال أفريقيا الأوائل الذين اختلطوا بسكان وادي النيل مع غيرهم من المهاجرين، واشتركوا في صناعة حضارته ولغته منذ فجر التاريخ (برستد، 1955، ص 65؛ مري، 1957، ص4؛ برستد، 1999، ص 28).

6. الخاتمة:

  1. أظهر البحث أن ليبيا شهدت تطورًا حضاريًا مهمًا خلال عصور ما قبل التاريخ، حيث تميزت الحضارة العاترية بصناعة أدوات حجرية متطورة، خاصة رؤوس السهام ذات القاعدة المدببة، بينما تميزت الحضارة القفصية بصناعة فخار مزخرف وأدوات حجرية دقيقة. هذه الحضارات كانت تعتمد في البداية على الصيد وجمع الثمار، ثم تطورت لاحقًا إلى الزراعة وتربية الحيوانات.

  2. توصل البحث إلى وجود تبادل ثقافي وتقني بين ليبيا ووادي النيل، حيث تم العثور على أدوات حجرية وفخارية متشابهة في كلا المنطقتين. هذا يشير إلى أن الحضارات الليبية، خاصة العاترية والقفصية، كانت على اتصال بحضارات مماثلة في وادي النيل، مثل حضارة الفيوم ونقادة.

  3. أظهر البحث أن التغيرات المناخية، خاصة زحف الصحراء والجفاف، أدت إلى هجرة سكان ليبيا القدماء نحو وادي النيل. هذه الهجرات كانت مدفوعة بالبحث عن بيئة أكثر ملاءمة للاستقرار، حيث وجد المهاجرون في وادي النيل، خاصة في منطقة الدلتا، بيئة غنية بالموارد الطبيعية.

  4. توصل البحث إلى أن الليبيين القدماء ساهموا في تشكيل الحضارة المصرية، خاصة في منطقة الدلتا، من خلال الهجرات والتفاعلات الثقافية. تشير الأدلة إلى أن الليبيين كانوا أحد الأصول الرئيسية للسكان الذين شكلوا الحضارة الفرعونية، حيث اختلطوا مع السكان المحليين وساهموا في بناء الحضارة المصرية القديمة.

  5. كشف البحث أن الرسوم الصخرية في ليبيا، مثل تلك الموجودة في جبال أكاكوس وتادرارت، تعكس التطور الفني والفكري للإنسان القديم. هذه الرسوم تصور حيوانات مثل الزرافات والأفيال، بالإضافة إلى مشاهد صيد وحياة يومية، مما يدل على وجود حياة ثقافية واجتماعية غنية.

  6. أظهر البحث أن هناك تشابهات حضارية بين ليبيا ووادي النيل، خاصة في صناعة الفخار والأدوات الحجرية. هذه التشابهات تشير إلى أن الحضارات في كلا المنطقتين قد تكون نشأت من أصل مشترك، أو أن هناك تبادلًا ثقافيًا وتقنيًا مستمرًا بينهما.

  7. توصل البحث إلى أن الهجرات والتفاعلات الثقافية بين ليبيا ووادي النيل استمرت عبر العصور، حيث كانت وادي النيل مقصدًا رئيسيًا للمهاجرين من شمال إفريقيا بسبب ظروفها البيئية المواتية.

8. المراجع:

أغفير، نضال فتحي وساسي، إيمان عطية (2024). إعصار دانيال والأضرار الكارثية على سد مدينة درنة والمنطقة العمرانية. المجلة الدولية للعلوم والتقنية، (33) 2، ص 3-27.

الأثرم، رجب عبد الحميد (1998). محاضرات في تاريخ ليبيا القديم. (ط. 3). جامعة قاريونس، بنغازي، ليبيا.

باقر، طه (1968). عصور ما قبل التاريخ في ليبيا وعلاقتها بأصول الحضارات القديمة. مجلد ليبيا في التاريخ، المؤتمر التاريخي الأول. الجامعة الليبية، بنغازي.

بالو، ليونال (2005). الجزائر في ما قبل التاريخ. (ترجمة: محمد الصغير غانم)، دار الهدى.

برستد، جيمس هنري (1955). انتصار الحضارة: تاريخ الشرق القديم. (ترجمة: أحمد فخري). مكتبة الأنجلو المصرية.

برستد، جيمس هنري (1999). تاريخ مصر منذ أقدم العصور إلى العصر الفارسي (ترجمة: حسن كمال). الهيئة المصرية العامة للكتاب.

البرغوثي، عبد اللطيف (1971). التاريخ الليبي القديم. منذ أقدم العصور حتى الفتح الإسلامي. دار صادر.

بن بوزيد، لخضر(2016). حضارة الرعاة في النيوليتي بالتاسيلي والهوقار من خلال الفن الصخري 6000-1000 ق.م. (أطروحة دكتوراه غير منشورة)، جامعة الجزائر 2، الجزائر.

بوحجر، سعد (2021). عصور ما قبل التاريخ في ليبيا. المجلة العلمية للدراسات التاريخية والحضارية، 6، 8-60

الجوهري، يسري (بدون تاريخ). شمال أفريقيا في عصور ما قبل التاريخ. (ط. 6). الهيئة المصرية العامة للكتاب.

حسن، سليم (2001). مصر القديمة. مج 1: من عصور ما قبل التاريخ الى نهاية العهد الاهناسي. مكتبة الأسرة ونهضة مصر للطباعة والنشر، القاهرة.

رزقانة، إبراهيم أحمد (1948). الحضارات المصرية في فجر التاريخ. مكتبة الآداب، الإسكندرية.

رزقانة، إبراهيم أحمد (1964). جغرافية الوطن العربي المملكة الليبية. دار النهضة العربية، القاهرة.

سحنوني، محمد. (1999). عصور ما قبل التاريخ. ديوان المطبوعات الجامعية.

صالح، عبد العزيز (2006). حضارة مصر القديمة وآثارها. (المجلد 1). مكتبة الأنجلو المصرية.

غانم، محمد الصغير (2003). مواقع وحضارات ما قبل التاريخ في بلاد المغرب القديم. دار الهدى.

غلاب، محمد السيد والجوهري، يسري (1948). الجغرافيا التاريخية. عصور ما قبل التاريخ وفجره. (ط. 3). مكتبة الأنجلو المصرية.

غلاب، محمد السيد والجوهري، يسري (1975). تطور الجنس البشري. (ط 4). مكتبة الأنجلو المصرية،

الفيل، محمد رشيد (1965). حضارات العصر الحجري القديم الأسفل. مجلة كلية الآداب، جامعة بغداد. 8. ص 80-118

كروفت، ميدو ، أنديلا مونت. (بدون تاريخ). هبة النيل تاريخ مصر القديمة. (ترجمة: علي فخري). مكتبة الإيمان، القاهرة.

الماجدي، خزعل .(2012) كنوز ليبيا القديمة. دار زهران للنشر والتوزيع.

مهران، محمد بيومي (2011). المغرب القديم. دار المعرفة الجامعية.

مهران، محمد بيومي (2000). الحضارتان الوهرانية والقفصية في المغرب القديم. المجلة العلمية لجمعية الآثاريين العرب. 22.ص 135-147

مهران، محمد بيومي، سعد الله، محمد علي (2005). دراسات في عصور ما قبل التاريخ. دار المعرفة الجامعية

مري، مرجريت.(1957). مصر ومجدها الغابر. (ترجمة: محرم كمال). لجنة البيان العربي.

الموسوعة المصرية (1960).. تاريخ مصر القديمة وآثارها المجلد 1، الجزء 1. الشركة المصرية للطباعة والنشر.

موري، فابريتسشيو. (1988). تادرارت أكاكوس. الفن الصخري وثقافات الصحراء قبل التاريخ. (ترجمة: عمر الباروني، فؤاد الكعبازي). مركز دراسة جهاد الليبيين ضد الغزو الإيطالي.

هيرودوت. (1987). هيرودوث يتحدث عن مصر، الكتاب الثاني. (ترجمة: محمد صقر خفاجة). الهيئة المصرية العامة للكتاب.

ولسون، جون (1955). الحضارة المصرية. (ترجمة: أحمد فخري). مكتبة النهضة المصرية، القاهرة.















9. الملاحق:

الخريطة رقم (1) مواقع عصور ما قبل التاريخ في ليبيا وانتشارها على المسطحات القديمة في شمالها ووسطها، وهي تمتد بداية من العصر الحجري القديم حتى العصر الحجري الحديث. نقلاً عن: ( بوحجر، 2021م، ص 29)



الشكل رقم (1) يُبين بعض الأدوات الحجرية التي عُثر عليها في مناطق جنوب طرابلس (بوادي المردوم منطقة بئر دوفان) وهي تعود للعصر الحجري القديم: نقلاً عن: (بوحجر، 2021م، 30-31)

الشكل رقم (2) يوضح بعض الأدوات الحجرية التي عُثر عليها في كهف حقفة الضبعة بشرق ليبيا وهي حضارة أطلق عليها بعض العلماء الحضارة الضبعانية لاستقلالية صناعتها وإبداع ثقافتها إذا ما قورنت بالثقافات المعاصرة لها، وهي تعود إلى العصر الحجري القديم الأعلى، نقلاً عن: (بوحجر، 2021م، ص 45-46)



الشكل رقم (3) يُبين بعض الأدوات الحجرية من رؤوس السهام وأسنة من عصور ما قبل التاريخ في ليبيا والتي تعود إلى فترة العصر الحجري الحديث، نقلاً عن: (الماجدي، 2012م، ص 71)



الشكل رقم (4) يوضح بعض المصنوعات والأسلحة العظمية التي عثر عليها في وادي وان موهجاج بالاكاكوس في جنوب ليبيا، ولعلها استعملت كرؤوس للحراب أو خناجر للطعن عن قرب، نقلا عن: (موري، 1982م، ص 224).



The Libyans and Their Relationship with the Nile Valley at the Dawn of History


Waleid A. Srar

Faculty of Arts, Misurata University

E- email: w.srar@art.misuratau.edu.ly

Abstract:


This study examines early cultural and civilizational interactions between Libya and the Nile Valley during prehistoric times, emphasizing the role of climatic changes and human migrations. Archaeological evidence indicates that Libya saw significant cultural development from the Paleolithic era, with civilizations like the Aterian and Capsian excelling in stone tool production and pottery. These cultures shared ties with the Nile Valley, as demonstrated by similar artifacts found in both regions. Environmental changes, particularly desertification, drove Libyan migrations toward the Nile Valley, where they contributed to shaping its demographic and cultural landscape. Studies suggest that ancient Libyans were among the key ancestral groups of Pharaonic civilization, especially in the Delta. Additionally, Libyan rock art, notably in the Acacus and Tadrart mountains, mirrors Egyptian rock art, reflecting mutual influences. These connections highlight the impact of climate-driven migrations on the region’s early civilizations.


Key words: Neolithic Age, Dawn of History, Stone Tools, Libyans, Lower Nile Valley















10. هوامش البحث:


1 عُرّف العصر الحجري الحديث عند بعض العلماء بثلاثة تعريفات: أولها الزمني وهو العصر الحجري الحديث، وثانيها تعريف حضاري أسماه العلماء عصر بداية الإنتاج، وثالثها مصطلح تاريخي حيث عرف بأنه عصر فجر التاريخ. (صالح، عبد العزيز ، 2006، ص 95).

2 أطلق على الشمال الإفريقي خلال العصور القديمة مصطلح (ليبيا) الذي كان أول استعمال له عند أدباء ومؤرخي الإغريق ومنهم المؤرخ الإغريقي هيرودوتس الذي يعتقد أنه زار ليبيا ومصر في حوالي سنة 444 ق.م. انظر (هيرودوت، ك2، 1987، ص 90، 91، 94)؛ ولم يظهر اسم (أفريقيا) إلى الوجود إلا بعد مجيء الرومان الى الساحل الليبي واستيلائهم على ممتلكات قرطاجة سنة 146 ق.م. انظر، (الأثرم، 1998، ص 12)

3 عصور ما قبل التاريخ هي العصور التي سبقت التدوين ومعرفة الكتابة بأنواعها البدائية التصويرية، وسميت بالعصور الحجرية نسبة الى المادة الرئيسية في صناعة ادواتها التي كانت أغلبها من الحجارة، رغم استعمال الاخشاب (أغصان الأشجار) وعظام الحيوانات النافقة (الشكل رقم 4 ضمن الملاحق)، ولكن على نطاق ضيق، وقد كانت أدوات الانسان وتطورها هي المعيار الرئيسي في الانتقال من عصر لآخر، ويبدوا أن البشر قد استغرقوا وقتا طويلا للخروج من تلك العصور الحجرية فلم تكن تسبقهم تجارب ليطوروها بل كانوا هم أول من صنع واخترع واسس من العدم، ولذلك استهلكوا الاف السنين حتى دخلوا في العصور التاريخية وحتى هذه النقلة الحضارية اختلفت بدايتها من حضارة الى أخرى بسبب اختلاف الظروف ومقومات البيئة المحلية مع القدرة على الابداع والاستفادة من التجارب المعاشة، وللمزيد أنظر ( غلاب، الجوهري، 1975، ص 18-21).

4. هوافتيح: أحد كهوف الشرق الليبي بالجبل الأخضر، وتدل الاثار التي عثر عليها في طبقاته الجيولوجية ومنها جمجمة انسان النيادرتال أنه قد شهد استقرارا بشريا منذ 43000 سنة مضت. وقد تم العثور في هذا الموقع على أدوات حجرية تعود إلى العصر الحجري القديم الأوسط والعصر الحجري القديم الأعلى. وتشير الأدوات التي تم العثور عليها إلى أن الموقع كان مأهولاً بمجتمعات بشرية تعتمد على الصيد وجمع الغذاء (البرغوثي، 1971، ص 40-41).

5. وادي درنة: هو من أكبر الوديان الطبيعية في ليبيا، ومن أكثرها خصوبة وثراء بالمسطحات الخضراء والأشجار، ويبلغ طوله حوالي 75 كيلو متر، وأعلى مناطقه ارتفاعا تصل الى 800 متر، ويصب في البحر المتوسط، ويبدوا انه قد شهد استقرارا بشريا خلال العصور الحجرية، بسبب وجود العوامل الدافعة لذلك ومنها كثرة الكهوف والأشجار البرية المثمرة، وهو ما تشير اليه الأدلة الاثرية المكتشفة في بعض مناطقه. (اغفير، وساسي، 2024، ص 4-5).

6 الحضارة الاشولية من أقدم الحضارات البشرية، حيث تعود الى بدايات العصر الحجري القديم الأسفل، واستمدت اسمها من موقع (سانت اشول) بفرنسا حيث تم التعرف عليها لأول مرة، واشتهرت بالأدوات ذات الوجهين كالفؤوس الحجرية، ويعتقد العلباء انها تعود اثارها بالشمال الافريقي الى 200000 الف سنة قبل الميلاد، ومن المناطق الليبية التي عثر فيها على أدوات اشولية منطقة بئر دوفان جنوب زليتن بالغرب الليبي، حيث اكتشفت أدوات حجرية ذات وجهين أو الحدين مثل رؤوس السهام، وللمزيد من المعلومات أنظر كلا من: (سحنوني، 1999 ،91-96؛ باقر، 1968 ، ص 8-11؛ الفيل، 1965، ص 87؛ بن بوزيد، 2016 ، ص 111-113)

7 للوقوف على أبرز مواقع حضارات ما قبل التاريخ في ليبيا أنظر الخريطة رقم 1 ضمن الملاحق.

8. العاترية: وهي من ابرز حضارات عصور ما قبل التاريخ في الشمال الافريقي (ليبيا القديمة)، وقد انتشرت ثقافاتها في أغلب الأقاليم حتى وصلت الى شرق ليبيا وخاصة بكهفي هوافتيح وحقفة الطيرة، ثم انتقلت الى وادي النيل الأدنى، بسبب تنقل أصحابها بين تلك الأقاليم، وعرفت هذه الحضارة باسم العاترية نسبة لأول المواقع التي احتوت أدواتها وهي منطقة بئر العاتر جنوب منطقة تبسة شرق الجزائر، وهي منطقة شهدت حضارات بشرية تعود للعصر الحجري القديم الأسفل، وللمزيد من المعلومات أنظر كلا من: (غانم، 2003 ، ص 59-61؛ بالو، 2005 ، ص 75-77).

9. القفصية: سميت بهذا الاسم نسبة لقرية قفصة بجنوب تونس حاليا، وهي المنطقة الاقدم التي تم اكتشاف ثقافة وصناعة هذه الحضارة فيها، وقسمها العلماء الى مرحلتين الأولى تميزت بأدواتها الكبيرة والبدائية كالازاميل والنصال، والثانية تجددت فيها صناعة الأدوات وأصبحت اكثر دقة فعرفت بالأدوات القزمية والتي اتخذت اشكالا هندسية، واقدم اثار هذه الحضارة تعود لأكثر من 7000 سنة قبل الميلاد، وللمزيد انظر(مهران، 2000 ، ص 147؛ الجوهري، د.ت، ص 82؛ مهران، 2011 ، ص 267).

10. حقفة الضبعة هو موقع أثري آخر في ليبيا، تم اكتشافه من قبل عالم الآثار الإيطالي سي.تي. بيتروكي في عام 1937. يقع هذا الموقع في منطقة برقة، ويحتوي على أدوات حجرية وعظام حيوانات تعود إلى العصر الحجري القديم الأوسط والأعلى. أهمية هذا الموقع تكمن في أن الأدوات التي تم العثور عليه كانت محفوظة بشكل جيد دون أن تتعرض للتلف، مما يوفر معلومات قيمة عن الحياة البشرية في تلك الفترة (البرغوثي، 1971م، ص 39).

11 التاسيلي هي هضبة تقع على الحدود الليبية الجزائرية على خط عرض 29 درجة، وتنحدر سلسلة جبالها من الشمال الى الجنوب، وتعني كلمة تاسيلي بلغة سكانها الطوارق (هضبة الأنهار)، ولعلها دلالة على الأنهار التي كانت تجري بها ذات يوم خلال العصور المطيرة. (الماجدي، 2012، ص 148).



12 الاكاكوس هي سلسلة جبال ضمن هضبة التاسيلي سالفة الذكر، وتقع بالجنوب الليبي عند مدينة غات ومجاوراتها. (الماجدي، 2012 ، ص 148-149).

13 العوينات هي سلسلة جبال تقع بجنوب شرق ليبيا وكأنها جزيرة وسط الرمال تصل مساحتها الى 1500 كيلومتر مربع، ويبلغ ارتفاعها الى 6132 قدما، وتعد متحفا فنيا لعصور ما قبل التاريخ في ليبيا حيث تحتوي رسومات ونقوش متنوعة لحيوانات وأسلحة مختلفة كالقصي والرماح والتروس، وللمزيد أنظر (البرغوثي، 1971 ، 29-30).

14 . جاءت هذه التسمية لأنها تشبه الحرف الإغريقي دلتا (Δ)، ويذكر أحد الباحثين أن سكان الوادي عند بداية العصر الحجري الحديث كان من بين أجناسهم قوم عرفوا بالليبيين، وهم قادمون من سهول افريقيا الشمالية بعد تصحرها. ( كروفت و مونت ، د.ت، ص 14، 22-24)

15. حضارة الفيوم حملت اسم المكان الذي وجدت فيه وهو موقع ضمن محافظة الفيوم في جنوب غرب القاهرة، وليست بعيدة عن الحافة الغربية لوادي النيل، ويعتبره الجغرافيون إقليماً متميزاً له شخصية خاصة وطابع فريد الحضارة والثقافة، وأصل الاسم (بايوم) بمعنى البحيرة أو الماء، ثم ورد في القبطية (فيوم) وفي العربية (الفيوم) بعد إدخال أداة التعريف عليه، ووجدت بها آثار للعصر الحجري الحديث جرى تقسيمها إلى مرحلتين (أ، ب، الأول تمثل حضارة العصر الحجري الحديث المبكرة، والثانية تعتبر تطور طبيعي للأولى، وترجع إلى عهد ما سبق الأسرات الفرعونية، وتوجد بالفيوم آثار أخرى ترجع للعصور التاريخية من الدولة الوسطى الفرعونية والعصر اليوناني والروماني في مصر، انظر، أما حضارة نقادة تعد من حضارات العصر الحجري الحديث، وعرفت بذلك نسبة لموقع نقادة من محافظة (قنا). وقسمت آثارها إلى مرحلتين: أولى وثانية، ولقد وجدت عدة آثار تشبه هذه الحضارة بقسميها في مواقع عدة من وادي النيل (الموسوعة المصرية، 1960، ص 290، 323).


13 2025,19مجلة كلية الآداب، العدد

https://misuratau.edu.ly/journal/arts ISSN 2664-1682